الجبهة الثانية| نتنياهو يجهض المشروع الأميركي للتطبيع مع الرياض
مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان حطّ في الرياض يوم الأحد الماضي وتباحث مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “صيغة شبه نهائية” للإتفاقات الإستراتيجية والأمنية لكلا البلدين، من ضمنها اعتراف الرياض للمرة الأولى ب”اسرائيل” وزار سوليفان الأراضي الفلسطينية المحتلة. مشهدية سياسية يعاد رسمها اليوم، فيما رفح تحت النار، والإحتلال يستكمل جرائمه. هكذا، عاد التطبيع السعودي-الإسرائيلي الى الواجهة، قبيل اجتياح الإحتلال رفح. إذ تولى الإعلام العبري والغربي على حدّ سواء، التسويق لخطة الرئيس الأميركي جو بايدن، قبيل السباق الرئاسي الأميركي، في ابرام اتفاقية التطبيع بين الرياض والإحتلال، لمحاولة الإيحاء بأنه استطاع إيقاف الحرب في غزة، وإراقة الدماء في رفح.
مسار اصطدم برفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا المقترح الذي تضمن الإعتراف بالدولة الفلسطينية البند الذي تؤكد عليه السعودية. لتنتهي هذه المحاولات الأميركية مجدداً في وقت يعيش فيه الإحتلال تخبطاً حكومياً وسياسياً وشعبياً غير مسبوق، وسط إصرار نتنياهو على المضي في عدوانه على غزة وتجزيره بالمدنيين العزّل.
المزيد من النفاصيل مع الصحفية زينب حاوي:
قبيل اجتياح رفح:
البداية مع الصحافة الغربية والتسويق المسبق للخطة الأميركية. سنعود الى تاريخ 27 نيسان الماضي، تاريخ نشر صحيفة نيويورك تايمز لمقالة رأي للكاتب المعروف توماس فريدمان تحت عنوان :”على اسرائيل أن تختار بين رفح أو الرياض”. في المضمون تحدث الكاتب والخبير في شؤون الشرق الأوسط عن خيارات الحكومة الإسرائيلية، معتبراً ان الهجوم على رفح بمثابة خيار مضاد للتطبيع مع السعودية وللخطة الإسرائيلية بوضع “قوات حفظ سلام عربية في غزة، متحالفة أمنياً مع الولايات المتحدة. ونقل الكاتب عن مسؤولين كبار في الرياض انطباعهم بأن “كل ما تفعله إسرائيل في هذه المرحلة هو قتل المزيد والمزيد من المدنيين، وتحويل السعوديين الذين فضلوا التطبيع مع إسرائيل ضدها”.
تفاصيل الصفقة الأميركية:
صحيفة هآرتس الإسرائيلية، كانت من بين الصحف العبرية التي كشفت عن تفاصيل زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي الى منطقة الشرق الأوسط. فقد افادت بأن الزيارة تشمل خطة لوقف اجتياح رفح وبحث استعداد الرياض لما أسمته ب”الإطار السياسي للتطبيع”، ودراسة حكم غزة من دون حماس. شبكة “الحرة” الأميركية، وتحت عنوان :”التطبيع السعودي-الإسرائيلي قد يجمّد العمليات العسكرية في رفح..لكن”،ينقل سعي بايدن “للحفاظ على زخم ملف التطبيع، مقابل الدفع نحو خطوات اسرائيلية للتهدئة في غزة. المقالة تشير الى دفع واشنطن الإحتلال لتعلّم درس “عدم القدرة على تحقيق نصر كامل” في اي حرب،كما حصل معها في العراق ودعت الإحتلال الى “عدم تكرار الأخطاء ذاتها”.
.
بايدن الرابح الأكبر:
الإجتياح الإسرائيلي البري لرفح، دفع بايدن للمضي اكثر في الصفقة، والإستعجال بها قبيل السباق الرئاسي. ليظهر بعدها ملف التطبيع كورقة بايدن الرابحة كما عنونت شبكة “سكاي نيوز” الإماراتية. إذ كشفت ان واشنطن تضغط على الإحتلال لتحقيق مكاسب لها، وتحدثت عن تقدم المحادثات بشأن التطبيع مع الرياض. الشبكة الإماراتية سوقت لتفاصيل هذه الصفقة التي تضم اتفاقاً محتملاً للدفاع المشترك بين واشنطن والرياض، وتمكين الأخيرة من إنشاء برنامج نووي مدني. والقول بأن عملية رفح البرية أخرّت من تحقيق بايدن هذه الصفقة.
فرص ضئيلة لتحقيق هذا الإتفاق:
“السلام في المنطقة”: كان هذا العنوان الرئيسي على المنصات العربية المطبعة في سبيل التسويق للخطة الأميركية وللتطبيع السعودي الإسرائيلي. فكلما صعّد الإحتلال في غزة كلما سارت اتفاقات سياسية موازية،هذه المرة عربية اسرائيلية. لكن يبدو ان هذه المرة ستبوء بالفشل كما أشيع أخيراً مع رفض الإحتلال للإعتراف بالدولة الفلسطينية كما تشترط الرياض. هذا ما كشفه موقع أكسيوس الأميركي عن فرص ضئيلة لهذا الإتفاق مع عدم تهيئة الظروف المناسبة لها.